آخر الأخبار
العملاء يفضلون اللمسة الإنسانية في خدمة العملاء.

في ظل التقدم التكنولوجي المتسارع، يبدو أن الذكاء الاصطناعي قد اقتحم كل زاوية من زوايا الحياة المهنية والشخصية. ومع ذلك، تشير دراسة حديثة إلى أن غالبية العملاء لا يزالون يفضلون التفاعل مع ممثلي خدمة العملاء البشر على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. وقد أثار هذا الواقع تساؤلات عديدة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء.
في استطلاع أجرته مؤسسة Gartner للأبحاث والاستشارات التقنية في ديسمبر 2023، شارك فيه 5728 شخصًا، كشفت النتائج أن 64% من المشاركين يفضلون عدم استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء. بالإضافة إلى ذلك، أعرب 53% من العملاء عن استعدادهم للتحول إلى شركة منافسة إذا اكتشفوا أن الشركة التي يتعاملون معها تستخدم الذكاء الاصطناعي في هذا المجال. وتعتبر هذه الأرقام مؤشرًا واضحًا على وجود تحفظات كبيرة لدى العملاء حول اعتماد هذه التقنية.
تتعدد الأسباب التي تجعل العملاء يتجنبون الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء. أولاً، يشعر العملاء بصعوبة الوصول إلى شخص حقيقي عند الحاجة. ثانيًا، هناك مخاوف من أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل الوظائف البشرية، مما يثير قلقًا اجتماعيًا واقتصاديًا. ثالثًا، يتمحور جزء من المخاوف حول تقديم الذكاء الاصطناعي لإجابات غير دقيقة أو خاطئة، مما قد يزيد من تعقيد المشكلات بدلاً من حلها. كما أن بعض العملاء يشعرون بأن بياناتهم قد تكون أقل أمانًا عند التعامل مع الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى المخاوف من التحيزات المحتملة التي قد تؤدي إلى عدم معاملة العملاء على قدم المساواة.
من الواضح أن هناك تباينًا بين ما يتوقعه قادة خدمة العملاء وبين تفضيلات العملاء أنفسهم. وفقًا لكيث ماكينتوش، أحد المدراء في Gartner، فإن 60% من قادة خدمة العملاء يواجهون ضغوطًا لتبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في كافة جوانب الخدمة. ومع ذلك، يعترف هؤلاء القادة بأهمية الحفاظ على لمسة إنسانية في التفاعل مع العملاء.
إحدى الحلول الممكنة لتقليل مخاوف العملاء من الذكاء الاصطناعي هي ضمان إمكانية تحويل العملاء إلى ممثل بشري عند عدم قدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم إجابة وافية. يمكن لهذا النهج أن يعزز ثقة العملاء في التكنولوجيا مع الحفاظ على جودة الخدمة. من ناحية أخرى، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز عمل ممثلي خدمة العملاء من البشر من خلال تزويدهم بإجابات أسرع وأكثر دقة، مما يساهم في تحسين الكفاءة التشغيلية وتقليل فترات الانتظار.
رغم الفوائد الكبيرة التي يمكن أن يجلبها الذكاء الاصطناعي من حيث التوفير في التكاليف وأتمتة المهام الروتينية، يبقى هناك حاجة ملحة للحفاظ على التوازن بين التكنولوجيا والبشرية. فقد أثبتت بعض الحالات أن الذكاء الاصطناعي قد يرتكب أخطاء يمكن أن تؤثر سلبًا على تجربة العملاء. على سبيل المثال، قامت سلسلة مطاعم ماكدونالدز بالتوقف عن استخدام الذكاء الاصطناعي في بعض أجهزة طلبات السيارات بعد انتشار الأخطاء التي ارتكبها الذكاء الاصطناعي على وسائل التواصل الاجتماعي.
تظهر الدراسة أن العملاء لا يزالون يفضلون التفاعل مع البشر في خدمة العملاء، وذلك يعود لعدة أسباب تتعلق بالأمان والدقة واللمسة الإنسانية. لذا، يتعين على الشركات أن تأخذ هذه المخاوف في الحسبان عند تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تحقيق توازن فعال بين التكنولوجيا والبشرية لضمان تحسين تجربة العملاء والحفاظ على رضاهم.