آخر الأخبار
جدل واسع يحيط بلعبة Assassin’s Creed Shadows في اليابان: تحريف للتاريخ أم رؤية إبداعية؟

تواجه شركة Ubisoft، الناشرة الفرنسية الشهيرة لألعاب الفيديو، موجة من الانتقادات الحادة في اليابان قبل أسابيع فقط من الإطلاق المرتقب للجزء الجديد من سلسلتها الشهيرة Assassin’s Creed Shadows، المقرر صدوره رسميًا في 20 مارس (آذار) 2025. هذه اللعبة، التي تُعتبر أول إصدار في السلسلة تدور أحداثه في اليابان، أثارت جدلاً واسعاً بسبب معالجتها للتاريخ الياباني وطريقة تقديمها لبعض العناصر الثقافية والدينية، وهو ما دفع العديد من النقاد والمؤرخين والجماعات الثقافية إلى التعبير عن استيائهم.
أحد أبرز محاور الخلاف التي نشأت حول اللعبة هو تصويرها لشخصية “ياسوكي”، وهو رجل من أصول أفريقية يُعتقد أنه وصل إلى اليابان في أواخر القرن السادس عشر، وتحديدًا في عام 1580، برفقة المبشرين البرتغاليين. ووفقًا لبعض الروايات التاريخية، فقد خدم ياسوكي تحت قيادة القائد العسكري الشهير أودا نوبوناغا، أحد أقوى الزعماء الإقطاعيين خلال فترة “سينغوكو”، التي امتدت من القرن الخامس عشر إلى القرن السادس عشر.
ورغم أن وجود ياسوكي في اليابان موثق تاريخيًا، إلا أن مسألة اعتباره ساموراي تظل موضع جدل بين المؤرخين، حيث لا توجد أدلة قاطعة تؤكد أنه حظي بلقب رسمي ضمن طبقة المحاربين اليابانيين أو كان له دور بارز في المعارك. ومع ذلك، اختارت Ubisoft أن تجعل من ياسوكي أحد الشخصيات الرئيسية في اللعبة، مصورةً إياه على أنه محارب قوي ومحور مهم في القصة، مما أثار انتقادات واسعة في الأوساط اليابانية، حيث يرى البعض أن ذلك يمثل إعادة صياغة غير دقيقة للتاريخ وتحريفًا للوقائع، لا سيما أن اليابان تمتلك إرثًا غنيًا من المحاربين التاريخيين الذين كان يمكن تسليط الضوء عليهم بدلاً من التركيز على شخصية أجنبية.
استخدام مواقع دينية حقيقية يثير استياءً واسعًا
إلى جانب الجدل التاريخي، أثارت اللعبة موجة من الغضب بسبب تصويرها لمواقع دينية حقيقية بطريقة اعتبرها الكثيرون غير لائقة. في أحد المشاهد، يظهر ياسوكي وهو يدخل إلى ضريح إيتاتيهيوزو، وهو مزار ديني قديم يقع في مدينة هيميجي، ويقوم بتدمير مذبحه. هذا المشهد، الذي اعتُبر إهانة صريحة للثقافة اليابانية، قوبل بردود فعل غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من المستخدمين عن استيائهم، مشيرين إلى أن استغلال المواقع الدينية في محتوى ترفيهي بهذه الطريقة أمر غير مقبول أخلاقيًا وثقافيًا.
وكتب أحد المنتقدين على منصة X (تويتر سابقًا):
“إذا كنتم ستستخدمون تاريخ اليابان كمصدر لإلهام لعبتكم، فعلى الأقل احترموا تراثنا وثقافتنا.”
كما قارن آخرون بين ما فعلته Ubisoft وبين ردود الفعل التي قد تحدث لو تم تصوير مشاهد مماثلة في كنائس مسيحية أو معابد دينية غربية، مشيرين إلى وجود ازدواجية في المعايير عند التعامل مع المقدسات الدينية والثقافية في وسائل الإعلام.
ردود فعل المعابد المتضررة:
من جهته، أكد القائمون على ضريح إيتاتيهيوزو أن Ubisoft لم تطلب إذنًا رسميًا لاستخدام الموقع في اللعبة، وأعلنوا أنهم يدرسون اتخاذ إجراءات قانونية ضد الشركة. كما عبّر ممثلون عن معبد توداي جي في مدينة نارا عن استيائهم، وأكدوا أنهم يناقشون مع مطوري اللعبة طريقة تصوير المعبد لضمان عدم الإساءة إلى قيمه الدينية والتاريخية.
الأمر الذي زاد من تعقيد الجدل هو أن بعض المؤرخين أشاروا إلى أن معبد توداي جي قد احترق بالكامل قبل وصول ياسوكي إلى اليابان، ولم يكن قد أُعيد بناؤه بعد في الفترة التي تجري فيها أحداث اللعبة، مما يعزز الاتهامات الموجهة إلى Ubisoft بخصوص الأخطاء التاريخية في السرد القصصي.
رد Ubisoft والموقف الحالي
حتى الآن، لم تُصدر Ubisoft أي بيان رسمي للرد على هذه الانتقادات، لكن من المعروف أن الشركة سبق أن دافعت عن رؤيتها الإبداعية في تطوير ألعابها السابقة، مؤكدةً أن سلسلة Assassin’s Creed تعتمد على مزيج من الخيال والتاريخ، وأنها لا تهدف إلى تقديم تفسير دقيق للأحداث التاريخية بقدر ما تسعى إلى خلق تجربة ترفيهية غامرة للاعبين.
ورغم ذلك، فإن الضغوط المتزايدة من الجماعات الثقافية والمؤرخين والجمهور الياباني قد تدفع الشركة إلى إجراء تعديلات قبل إصدار اللعبة الرسمي، أو على الأقل إصدار توضيح رسمي لتخفيف حدة الانتقادات.
يبقى أن نرى كيف ستؤثر هذه الانتقادات على نجاح اللعبة، وهل ستتمكن Assassin’s Creed Shadows من تجاوز هذا الجدل والاستمرار في تحقيق مبيعات قوية، أم أن الغضب الياباني سيؤثر سلبًا على استقبالها العالمي؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الإجابة.