تعريف إنترنت الأجسام وأهميته في العصر الرقمي

تعريف إنترنت الأجسام وأهميته في العصر الرقمي

لعبت التكنولوجيا دوراً حاسماً في تحقيق التطور الطبي على مدى العقود الماضية، مما فتح آفاقاً جديدة أمام الأطباء في فهم وتشخيص الأمراض وتوفير علاجات أفضل وأكثر فعالية للمرضى.

هذا التطور ساهم في تعزيز مستوى الرعاية الصحية على مستوى العالم، حيث أصبحت الأدوات والأجهزة الطبية أكثر ذكاءً، وقادرة على مراقبة المعلومات الصحية للمرضى على مدار الساعة، وتوفير بيانات دقيقة عن حالتهم الصحية.

التحول في التكنولوجيا الطبية

يمكن القول إن التكنولوجيا تلعب دوراً حيوياً في تحقيق التطور الطبي، من خلال جعل الأدوات والأجهزة الطبية ذكية وقادرة على مراقبة المعلومات الصحية للمرضى بشكل مستمر.

بالإضافة إلى ذلك، ساهمت التكنولوجيا في تطوير تقنيات التصوير الطبي مثل الأشعة السينية، والأشعة المقطعية، والرنين المغناطيسي.

كما مكّنت الجراحين من إجراء عمليات دقيقة تتجاوز قدرات البشر بفضل استخدام الروبوتات الجراحية.

تعريف "إنترنت الأجسام" ومفهومه

بحسب تقرير أعدته "CNBC" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فإن عام 2016 شهد انتقال عالم الطب إلى مرحلة جديدة مع صياغة الأكاديمية والمؤلفة الدكتورة أندريا ماتويشين لمصطلح "إنترنت الأجسام" (Internet of Bodies أو IoB).

يشير هذا المصطلح إلى شبكة الأجهزة والتقنيات المتصلة بالإنترنت والتي تتفاعل مع جسم الإنسان.

يعتبر "إنترنت الأجسام" امتدادًا لمفهوم "إنترنت الأشياء" (IoT) ولكنه يركز بشكل خاص على صحة جسم الإنسان، حيث يعتمد الأجسام البشرية على الإنترنت والتقنيات ذات الصلة مثل الذكاء الاصطناعي للحفاظ على سلامتها ووظائفها.

الأجيال الثلاثة الإنترنت الأجسام

تشمل تقنية "إنترنت الأجسام" ثلاثة أجيال من الأجهزة:

1.

الأجهزة الخارجية: تتضمن هذه الفئة الأجهزة التي تُرتدى مثل سماعات الأذن والملابس الذكية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية مثل الساعات والخواتم والنظارات الذكية.

هذه الأجهزة تستخدم أجهزة استشعار لتتبع خطواتنا ومعدل ضربات القلب ومعلومات صحية أخرى.  

2.

الأجهزة الداخلية: تشمل هذه الفئة الأجهزة التي يتم زرعها في الجسم مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب وضغط الدم، ومضخات الأنسولين، والأطراف الاصطناعية الذكية التي تُثبت في أعصاب المرضى وعضلاتهم، والحبوب الرقمية التي تنقل البيانات الطبية بعد تناولها.

3. الأجهزة المدمجة بالكامل: تشمل هذه الفئة الأجهزة التي تندمج تماماً في جسم الإنسان وتظل متصلة بشكل فوري بجهاز خارجي أو بشبكة الإنترنت.

أحد أبرز الأمثلة على هذه الأجهزة هو شريحة Neuralink التابعة لشركة Elon Musk، والتي تُزرع تحت الجمجمة وتربط بين الدماغ والحاسوب، مما يمكنها من قراءة إشارات الدماغ لمساعدة الأشخاص المصابين بالشلل على التحكم في الأجهزة الخارجية.

فوائد ومخاطر إنترنت الأجسام

يرى أنصار تقنية "إنترنت الأجسام" أن هذه التقنية تحسن نتائج الرعاية الصحية من خلال تمكين المراقبة المستمرة والكشف المبكر عن المشكلات الصحية ومراقبة المرضى عن بعد.

ومع ذلك، تثير هذه الأجهزة مخاوف بشأن الخصوصية والأمن والآثار الأخلاقية المتعلقة بجمع واستخدام البيانات الصحية الشخصية الحساسة.

المخاوف الأمنية والخصوصية

أحد الأمثلة البارزة على المخاوف الأمنية المرتبطة بـ "إنترنت الأجسام" هو ما قام به نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني، حيث اعترف بأنه تم تعطيل الوظيفة اللاسلكية للجهاز الذي زرع في قلبه في عام 2007، خوفًا من محاولة طرف ما اختراق هذا الجهاز للتسبب في نوبة قلبية مميتة له.

السوق العالمية الإنترنت الأجسام

وفقًا لشركة Mordor Intelligence، من المتوقع أن تصل قيمة سوق الأجهزة الطبية المتصلة بالإنترنت إلى نحو 66 مليار دولار في عام 2024، وأن تصل إلى أكثر من 132 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي يبلغ حوالي 15 بالمئة.

يتم عادةً تشريع استخدام أجهزة "إنترنت الأجسام" القابلة للزرع والهضم من قبل وكالات مثل إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة، أو نظيراتها الدولية.

ولكن ظهور شرائح مرتبطة بالإنترنت تُزرع في الدماغ يتطلب إقرار المزيد من الضوابط والتشريعات لحماية بيانات المرضى وحمايتهم من مخاطر الهجمات الإلكترونية.

التطبيقات العملية والفوائد الصحية

يقول الدكتور جورج الهاشم، أخصائي أمراض الدم والمرض الخبيث، إن تقنية "إنترنت الأجسام" قد حققت تقدماً كبيراً في مجال الطب، حيث بدأت في الانتشار عبر الأجهزة الخارجية لمراقبة نبضات القلب ومستويات الأوكسيجن، ووصلت إلى الأجهزة الحالية التي تتيح قدرًا أكبر من الدقة في مراقبة الصحة، مما يسهم في تحسين وضع الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في السمع والرئة وحركة الجسم.

التحديات المستقبلية والتكامل البشري

يرى الدكتور جورج الهاشم أن الخطأ الذي قد يقع فيه بعض المرضى هو الاعتماد الكلي على الأجهزة المدعومة بتقنية "إنترنت الأجسام"، وتجاهل الدور المهم للطبيب في تشخيص ومتابعة الحالة الصحية، مما يشدد على أهمية التكامل بين العنصر البشري والأجهزة التكنولوجية لتحقيق أفضل النتائج الصحية.

المخاوف والتشريعات المطلوبة

من جانبه، يشير الدكتور يوسف عصفور، المدير التنفيذي للابتكار والتحول في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى أن أجهزة "إنترنت الأجسام" تعاني من مخاطر تتعلق بخصوصية المعلومات وإمكانية التحكم في تصرفات وأفكار الأشخاص.

يعتبر وضع تشريعات وقوانين عالمية لحماية المريض وضمان خصوصيته أمراً بالغ الأهمية لضمان استخدام هذه التكنولوجيا بطريقة آمنة ومفيدة.

بفضل التطور التكنولوجي المتسارع، أصبحت تقنية "إنترنت الأجسام" جزءًا لا يتجزأ من مستقبل الرعاية الصحية.

ورغم الفوائد الكبيرة التي تقدمها، إلا أنه من الضروري التعامل بحذر مع التحديات والمخاطر المرتبطة بها.

يجب أن تتضافر الجهود العالمية لوضع التشريعات المناسبة لضمان حماية خصوصية المرضى وأمانهم، مما يضمن أن تستمر هذه التكنولوجيا في تحسين حياة الناس بشكل آمن وفعال.

.

المزيد من الأخبار من - sawaliftech