آخر الأخبار
السعودية تضع حجر الأساس لأول مصنع لهيونداي في الشرق الأوسط ضمن مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات

في تحرّك نوعي يعكس توجه المملكة العربية السعودية نحو ترسيخ مكانتها كمركز صناعي إقليمي وعالمي، شهدت مدينة الملك عبدالله الاقتصادية يوم أمس وضع حجر الأساس لأول مصنع لشركة هيونداي موتور في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بحضور معالي بندر بن إبراهيم الخريّف، وزير الصناعة والثروة المعدنية، ضمن مشروع ضخم يُنفذ داخل مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.
مشروع استراتيجي في قلب مدينة الملك عبدالله الاقتصادية
يقع المصنع الجديد في مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات، أحد المشاريع الكبرى التي تستهدف تحويل المملكة إلى محور عالمي لصناعة السيارات، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل، وتوطين الصناعات الاستراتيجية، وتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
ويمثل المصنع أول منشأة تصنيع لشركة هيونداي موتور في الشرق الأوسط، ما يعكس ثقة عملاق صناعة السيارات الكوري الجنوبي في السوق السعودي وفي البيئة الاستثمارية المواتية التي توفرها المملكة، وخاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.
شراكة بين صندوق الاستثمارات العامة وهيونداي: 70% سعودية، و30% كورية
تجسدت هذه الخطوة في إطلاق شركة جديدة تحت اسم “هيونداي الشرق الأوسط لصناعة المحركات”، وهي شركة مملوكة بالشراكة بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي بنسبة 70%، وشركة هيونداي موتور بنسبة 30%.
وتعد هذه الشراكة امتدادًا للعلاقات الاقتصادية المتينة بين المملكة وكوريا الجنوبية، كما تمثل نموذجًا ناجحًا لسياسة الاستثمارات الاستراتيجية التي ينتهجها صندوق الاستثمارات العامة لتعزيز القدرات التصنيعية، واستقطاب الشركات العالمية الرائدة إلى داخل المملكة.
الطاقة الإنتاجية والأثر الاقتصادي المتوقع
من المقرر أن تبدأ عمليات الإنتاج في المصنع خلال الربع الرابع من عام 2026، بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 50,000 سيارة، تشمل نوعين من السيارات:
- السيارات بمحركات احتراق داخلي
- السيارات الكهربائية
ويهدف المصنع إلى تلبية الطلب المحلي والإقليمي المتزايد على السيارات، خاصة في ظل التحولات العالمية نحو وسائل التنقل المستدام، وتزايد التوجه نحو الكهرباء والطاقة النظيفة.
ويتوقع أن تصل مساهمة المصنع في الناتج المحلي الإجمالي السعودي إلى 5 مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2045، ما يعكس حجم الأثر الإيجابي لهذا المشروع على الاقتصاد الوطني، وخصوصًا فيما يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة والنمو الصناعي طويل الأجل.
كلمة الوزير بندر الخريّف: المملكة تخطو بثبات نحو التوطين الصناعي
قال معالي الوزير بندر الخريّف خلال الحفل:
“يشكل هذا المصنع محطة مهمة في رحلة توطين صناعة السيارات في المملكة، لأثره البالغ في تعزيز القدرات الصناعية، وتقوية سلاسل الإمداد، وتنمية المحتوى المحلي، وتلبية الطلب المتزايد على السيارات، وترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي لصناعة السيارات.”
وأشار إلى أن انضمام هيونداي إلى المصنعين العالميين لوسيد Lucid وسير Ceer داخل مجمع الملك سلمان يعكس تحقيق المملكة لأحد مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للصناعة، والتي تسعى إلى توطين إنتاج 300 ألف سيارة سنويًا في المملكة، في بيئة صناعية متكاملة.
وأكد الوزير أن الحكومة مستمرة في استقطاب الصناعات المكملة، مثل صناعة الإطارات، وهياكل السيارات، والأجزاء المعتمدة على الألمنيوم، لتكوين منظومة صناعية متكاملة تسهم في دفع عجلة التصنيع المتقدم في المملكة.
تعزيز المحتوى المحلي وتوفير فرص وظيفية نوعية
من المتوقع أن يسهم المشروع في توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، إلى جانب نقل المعرفة والخبرات من شركة هيونداي إلى الكفاءات الوطنية السعودية، ما يفتح آفاقًا واسعة أمام تأهيل جيل جديد من المتخصصين في صناعة السيارات، ويدعم بناء قاعدة وطنية من الخبراء والمهنيين في القطاع الصناعي.
وأشار وون جيون بارك، الرئيس التنفيذي لشركة هيونداي الشرق الأوسط لصناعة المحركات، إلى أهمية المشروع قائلًا:
“هذا المصنع سيشكل منصة انطلاق قوية للنمو الصناعي في المملكة، وسيسهم في قيادة مرحلة جديدة من التصنيع الذكي، القائم على التحول الرقمي والابتكار في مجال التنقل الكهربائي.”
تصريحات المسؤولين: مشروع طموح يعزز ريادة المملكة في التنقل المستقبلي
أوضح يزيد الحميّد، نائب محافظ صندوق الاستثمارات العامة، أن المشروع يندرج ضمن جهود الصندوق لتطوير منظومة قطاع السيارات في المملكة، مؤكداً أن الصندوق يواصل العمل على توطين الصناعة، وبناء قدرات وطنية عالية المهارة، وجذب أحدث التقنيات العالمية.
بدوره، قال جايهون تشانج، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة هيونداي:
“إن هذا المشروع يمثل بداية فصل جديد من التعاون الوثيق بين المملكة العربية السعودية وهيونداي، ونحن متحمسون للمساهمة في نقل خبراتنا التقنية والتشغيلية، وتطوير المواهب المحلية بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 لبناء اقتصاد متنوع ومستدام.”
السعودية نحو الريادة في صناعة السيارات إقليميًا وعالميًا
يمثل هذا المشروع جزءًا من الرؤية الأشمل لصندوق الاستثمارات العامة لجعل المملكة مركزًا عالميًا لصناعة السيارات، من خلال:
- دفع عجلة التحول الصناعي
- تعزيز البنية التحتية الصناعية
- تطوير سلاسل الإمداد المحلية
- استقطاب الابتكار التقني
- رفع مستوى التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية
كما يُعدّ المصنع خطوة تأسيسية نحو منظومة تصنيع متقدمة ستضع المملكة في موقع الريادة ضمن سوق التنقل الحديث، خاصة في ظل الطلب العالمي المتزايد على السيارات الكهربائية، والتوجه العالمي نحو الاستدامة البيئية وخفض الانبعاثات الكربونية.