آخر الأخبار
أندرويد بخطر ثغرة أمنية خفية تهدد المستخدمين عبر روابط مضللة

في عالم يعتمد فيه المستخدمون بشكل يومي على هواتفهم الذكية في التواصل، العمل، الترفيه، وحتى التسوق، باتت الإشعارات واحدة من أهم أدوات التنبيه والتنظيم داخل نظام التشغيل “أندرويد”. فهي تُمكِّن المستخدم من متابعة آخر المستجدات لحظة بلحظة، دون الحاجة إلى التبديل المستمر بين التطبيقات.
لكن في مقابل هذه الفائدة الكبيرة، كشف تقرير تقني حديث عن مشكلة أمنية خطيرة بدأت تثير قلق الخبراء والمستخدمين على حد سواء: ثغرة في نظام إشعارات أندرويد تتيح التلاعب بروابط الرسائل المقترحة، مما قد يعرّض المستخدمين لخطر الاحتيال الرقمي وهجمات التصيّد الإلكتروني.
نقطة البداية: تقرير أمني يكشف المستور
بحسب ما نشره موقع “Android Headlines”، فإن إشعارات تطبيقات التراسل مثل واتساب وتيليغرام وغيرها، والتي تتضمن ردوداً سريعة مقترحة على الرسائل، قد تحتوي أحيانًا على روابط ظاهرية — مثل “youtube.com” أو روابط لمواقع إلكترونية شهيرة — ولكن هذه الروابط قد لا تكون كما تبدو عليه.
ففي بعض الحالات، يتم استغلال هذه الردود المقترحة لإدراج روابط خبيثة تُعرض بطريقة مضللة داخل الإشعار، ما يمنح المهاجمين فرصة فريدة للوصول إلى المستخدم قبل أن يفتح هاتفه حتى. وهذا النوع من الخداع البصري يُعد مدخلاً خطيرًا لهجمات تصيّد متطورة لا تعتمد على البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، بل على إشعارات النظام ذاته.
مفتاح الهجوم: التلاعب بأحرف Unicode
الثغرة، بحسب التقرير، تنبع من آلية تعامل نظام أندرويد مع معيار Unicode، وهو معيار عالمي يُستخدم لتمثيل الأحرف والرموز في جميع لغات العالم. لكن من ضمن هذا النظام المعقّد، هناك فئة تُعرف بـ”الأحرف غير المرئية” — وهي رموز لا تظهر على الشاشة ولكن يتم قراءتها وتحليلها من قِبل الأجهزة والأنظمة البرمجية.
من خلال هذه الأحرف، يمكن إنشاء روابط “تبدو” آمنة للمستخدم، لكنها في الحقيقة تحتوي على محتوى مختلف تمامًا. على سبيل المثال، قد يبدو الرابط على الشكل: https://youtube.com، بينما يقود في الواقع إلى موقع ضار عنوانه يحتوي على رموز Unicode مموهة.
النتيجة؟ رابط مخفي بين طيّات رد آلي، يظهر على شاشة القفل مع زر “فتح الرابط”، ويأخذ المستخدم إلى وجهة لم يتوقعها.
رد جوجل: المشكلة حقيقية ولكنها ليست عاجلة
الباحث الأمني “غابرييل ديغريغوريو” كان أول من اكتشف هذه الثغرة، وأبلغ عنها شركة غوغل في مارس 2025. وعلى الرغم من خطورة ما توصل إليه، لم تُصنّف غوغل الثغرة ضمن فئة “الحرجة”، بل وضعتها ضمن تصنيف “متوسطة الخطورة”، مما يعني أنها لا تتطلب تدخلًا فوريًا ولكنها ستُعالج لاحقًا ضمن تحديثات أمنية مستقبلية.
وفي بيان رسمي لموقع “Android Headlines”، أكدت شركة غوغل أنها على دراية بوجود الثغرة، وتعمل بنشاط على إصلاحها ضمن تحديثات قادمة لنظام أندرويد. كما شددت على ضرورة توخي الحذر عند التفاعل مع الروابط، حتى تلك التي تظهر من خلال إشعارات موثوقة.
لماذا تُعد هذه الثغرة خطيرة رغم تصنيفها “متوسطة الخطورة”؟
تكمن خطورة هذه الثغرة في أنها لا تتطلب أي تدخل من المستخدم سوى نقرة واحدة. فعلى عكس هجمات التصيّد التقليدية التي تحتاج إلى رسالة بريد إلكتروني أو موقع زائف يتطلب تعبئة بيانات، فإن هذه الطريقة تقوم على التمويه داخل النظام ذاته، مما يجعلها أكثر خداعًا وأقل قابلية للاكتشاف.
والأخطر من ذلك، أنها تستغل واحدة من أكثر الخصائص استخدامًا في الهواتف الذكية — وهي الإشعارات السريعة — وتُمرر الهجوم عبر تجربة الاستخدام العادية، دون إثارة الشكوك.
كيف يمكن للمستخدم أن يحمي نفسه؟
رغم أن غوغل تعمل على حل المشكلة، فإن الخبراء ينصحون بمجموعة من الإجراءات الوقائية التي قد تساعد على حماية المستخدمين:
- تجنّب الضغط على أي رابط يظهر داخل إشعار دون التأكد من مصدره.
- إيقاف خاصية عرض الإشعارات على شاشة القفل، خاصة في التطبيقات الحساسة.
- تحديث نظام أندرويد والتطبيقات باستمرار للحصول على آخر التحديثات الأمنية.
- استخدام تطبيقات الحماية من البرمجيات الخبيثة.
- التحقق من الرابط يدويًا قبل النقر عليه، ومقارنته مع العنوان الظاهر في المتصفح.
نظرة مستقبلية: هل ستتكرر هذه الهجمات؟
من الواضح أن القراصنة والمخترقين أصبحوا أكثر إبداعًا في إيجاد طرق جديدة لاختراق الهواتف الذكية. وإن كانت الإشعارات تُعد جزءًا لا يتجزأ من تجربة المستخدم، فإنها في نفس الوقت قد تُستغل كمنفذ خلفي إذا لم تُعالج الثغرات المرتبطة بها بشكل فوري.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة، لكنها تُسلّط الضوء على ضرورة إعادة النظر في كيفية بناء أنظمة الرد الآلي، واقتراحات الروابط، وآلية عرض الإشعارات، لضمان أمن المستخدم دون المساس بسهولة الاستخدام.