آخر الأخبار
الذكاء الاصطناعي يُحدث نقلة نوعية في أنظمة إنذار تسونامي

كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة Coastal Engineering Journal عن إمكانات غير مسبوقة لتقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة وسرعة أنظمة الإنذار المبكر بموجات التسونامي، وخاصة في المناطق الساحلية ذات الكثافة السياحية العالية. وبحسب الدراسة، فإن استخدام خوارزميات التعلم الآلي قد يُحدث تحولًا جذريًا في قدرة الجهات المعنية على اتخاذ قرارات حاسمة خلال اللحظات الأولى من وقوع الزلازل البحرية.
ركزت الدراسة على بلدة توفينو الواقعة في مقاطعة كولومبيا البريطانية غرب كندا، وهي منطقة ساحلية شهيرة بكونها وجهة مفضلة لهواة ركوب الأمواج والسياحة البيئية. تتضاعف أعداد الزوار خلال موسم الذروة، مما يزيد من حجم التحديات التي قد تواجهها السلطات المحلية في حال حدوث تسونامي مفاجئ.
التهديد الزلزالي الكامن
تُعد توفينو من المناطق القريبة من صدع كاسكاديا الانغماسي، وهو أحد أخطر المناطق الزلزالية في العالم، حيث تندفع صفيحة خوان دي فوكا أسفل صفيحة أمريكا الشمالية. وتشير التقديرات الجيولوجية إلى أن زلزالًا قويًا قد تصل شدته إلى 9 درجات على مقياس ريختر قد يتسبب في توليد موجة تسونامي ضخمة يصل ارتفاعها إلى 20 مترًا وتضرب الساحل خلال أقل من 20 دقيقة فقط من وقوع الزلزال.
أزمة الزمن والإنذار
الوقت المتاح أمام السكان والزوار للفرار إلى مناطق آمنة لا يتعدى 17 دقيقة، بحسب تجارب الإخلاء التي أجريت، وهو ما يجعل كل ثانية مهمة. وفي حال تأخر إرسال الإنذارات، قد يؤدي ذلك إلى فوضى مرورية واختناقات في الطرق الضيقة المؤدية إلى المناطق المرتفعة، مما يعرّض حياة الآلاف للخطر.
الذكاء الاصطناعي يدخل المشهد
نظرًا لعدم وجود سجل تاريخي مفصل للزلازل والتسونامي في كندا، لجأ الباحثون إلى بناء نماذج محاكاة حاسوبية بديلة. وتمت تجربة العديد من استراتيجيات التنبؤ بالزلازل والإنذار المبكر، وكان الأكثر فاعلية من بينها نموذج يعتمد على خوارزمية “Random Forest”، وهي إحدى خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم الآلي.
تعتمد هذه الخوارزمية على بناء عدد من “الأشجار” التحليلية، بحيث تقوم كل شجرة بتقييم البيانات (مثل شدة الزلزال وموقعه وعمقه) بشكل مستقل، ثم تُجمع نتائج التقييم من كل الأشجار لاتخاذ قرار جماعي يُحدد توقيت إطلاق الإنذار بدقة أكبر.
نتائج مشجعة: تفوق بنسبة 15%
أظهرت الدراسة أن النموذج الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي تفوق على النماذج التقليدية المُستخدمة حاليًا بنسبة تصل إلى 15% في دقة التنبؤ وسرعة الإخلاء، وهو تحسن يُمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في عمليات الإنقاذ خلال الكوارث.
سد فجوات البيانات عبر “التوأم الرقمي”
واحدة من العقبات التي تواجه أنظمة الذكاء الاصطناعي في مثل هذه الحالات هي نقص البيانات التاريخية لتدريب النماذج بدقة. ولهذا السبب، اقترح فريق البحث استخدام تقنية “التوأم الرقمي”، وهي تقنية تقوم بمحاكاة سيناريوهات زلزالية مفترضة لتوفير بيانات افتراضية تُمكن النماذج من التدريب على مجموعة واسعة من الحالات الممكنة، حتى تلك النادرة.
التحدي النفسي: تقليل الإنذارات الكاذبة
من بين التوصيات المهمة التي طرحتها الدراسة، ضرورة تحسين دقة الإنذار لتجنب ما يُعرف بـ”التنبيهات الكاذبة”، والتي قد تؤدي إلى فقدان ثقة السكان بالأنظمة، مثل ما حدث في تسونامي اليابان عام 2011 عندما تجاهل البعض الإنذارات بسبب تكرار الإنذارات غير الدقيقة سابقًا.
يُخطط الفريق البحثي بقيادة البروفيسور Katsuichiro Goda من جامعة ويسترن الكندية، لاختبار النظام المطوّر فعليًا خلال تمرين الإخلاء السنوي في توفينو خلال خريف 2025. وفي حال أثبت فعاليته، سيكون بإمكان هذا النظام أن يُعمم على وجهات ساحلية وسياحية أخرى حول العالم، خاصة في المناطق المعرضة لخطر التسونامي.