آخر الأخبار
MiniMax الصينية تطلق نموذج الذكاء الاصطناعي M1 في خطوة تنافسية لافتة لتجاوز DeepSeek

في تطور بارز يعكس تصاعد سباق الذكاء الاصطناعي في الصين، أعلنت شركة MiniMax الصينية الناشئة، والتي تتخذ من شنغهاي مقرًا لها، عن إطلاق نموذجها اللغوي الكبير MiniMax-M1، وهو نموذج متقدم صُمم خصيصًا ليضع الشركة في موقع الريادة داخل السوق الصيني، بل ومنافسة النماذج العالمية في دقة الاستدلال وكفاءة التشغيل.
ما الذي يميز نموذج MiniMax-M1؟
نموذج M1 لا يُعد مجرد تحديث بسيط في سلسلة النماذج اللغوية، بل يمثل طفرة في التصميم والقدرة الحوسبية. الشركة أشارت إلى أن M1:
- يتمتع بطول سياق غير مسبوق يصل إلى مليون رمز (Token)، وهو رقم ضخم يُمكّن النموذج من تحليل وفهم كميات كبيرة جدًا من النصوص دفعة واحدة. هذا يمثل ثمانية أضعاف سعة نموذج DeepSeek R1، ويجعله أكثر كفاءة في التعامل مع المحادثات الطويلة، المستندات القانونية المعقدة، والأبحاث العلمية.
- يتفوّق على النماذج الصينية المغلقة المصدر، بما في ذلك نماذج شركات كبرى كانت تسيطر على هذا المجال حتى وقت قريب مثل DeepSeek، ويحقق أداءً عاليًا في معايير الذكاء الاصطناعي القياسية مثل MMLU وCMMLU وHumanEval.
- يستهلك موارد أقل بنسبة تصل إلى 70% في بعض السيناريوهات مقارنة بمنافسيه، ما يساهم في خفض التكاليف التشغيلية بشكل كبير، ويجعله خيارًا اقتصاديًا جذّابًا لقطاع المؤسسات والهيئات الحكومية.
تقنيات التدريب والاستثمار في البنية التحتية
من الناحية التقنية، اعتمدت MiniMax على تقنيات التعلم المعزز من خلال التغذية البشرية (RLHF) لتطوير النموذج، وهو النهج ذاته الذي اتبعته OpenAI في تدريب GPT-4، ما يُعزز قدرة النموذج على تقديم ردود دقيقة وأكثر واقعية.
وقد تم تدريب النموذج على أكثر من 512 وحدة معالجة رسومية من نوع NVIDIA H800، وهي واحدة من أحدث وحدات المعالجة المعتمدة في السوق الصيني بسبب القيود الأميركية المفروضة على تصدير رقائق A100 وH100.
وبحسب الشركة، فإن تكلفة استئجار هذه البنية التحتية بلغت حوالي 534,700 دولار، وهو رقم ضخم يعكس جدية الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي على مستوى الشركات الناشئة.
MiniMax ضمن نخبة “التنانين الصغيرة” في الصين
تنتمي MiniMax إلى مجموعة من الشركات الناشئة المعروفة في الأوساط التقنية الصينية باسم “التنانين الصغيرة – Little Dragons“، وهي نخبة من 6 شركات مدعومة من عمالقة الإنترنت مثل Tencent وAlibaba. وقد تمكّنت هذه المجموعة من جذب مليارات الدولارات من الاستثمارات خلال العام الماضي، في ظل موجة عالمية من التركيز على الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI).
لكن مع الصعود السريع لشركة DeepSeek وتحولها إلى مرجعية في سوق النماذج المغلقة، اضطرت معظم الشركات الناشئة إلى تقليص طموحاتها في تطوير نماذج أساسية، والاكتفاء بتطبيقات الذكاء الاصطناعي المبنية على النماذج المفتوحة.
إلا أن MiniMax اختارت السير عكس التيار، وواصلت الاستثمار في تطوير نموذجها اللغوي الخاص، مما يجعلها واحدة من القلائل في الصين التي لا تزال تراهن على الابتكار الأساسي (Foundational AI Models).
السياق الاستراتيجي: سباق الذكاء الاصطناعي داخل الصين
الصين اليوم تسابق الزمن لبناء منظومة مستقلة في الذكاء الاصطناعي، بعد أن فرضت الولايات المتحدة قيودًا صارمة على تصدير تقنيات المعالجة الفائقة، وعلى رأسها رقائق NVIDIA A100 وH100، وخدمات السحابة المتقدمة.
ونظرًا لأهمية الذكاء الاصطناعي كأداة للسيطرة على الاقتصاد الرقمي، تُعدّ مشاريع مثل MiniMax-M1 أحد أركان الأمن التكنولوجي الوطني الصيني. ويُتوقع أن تعمل الحكومة الصينية على تقديم تسهيلات إضافية للشركات التي تطور نماذج قادرة على تقليص الفجوة التكنولوجية مع الولايات المتحدة.
مجالات الاستخدام المستقبلية لنموذج M1
نموذج MiniMax-M1 صُمم ليخدم عدة قطاعات حيوية تشمل:
- التعليم الذكي ومنصات المساعدة الأكاديمية.
- خدمة العملاء الآلية والمؤسسات الحكومية.
- القطاع القانوني وتحليل النصوص الطويلة.
- أدوات الترجمة الاحترافية.
- المساعدات الشخصية الرقمية.
كما تهدف الشركة إلى تطوير إصدارات أكثر تخصصًا من M1، لتخدم حالات استخدام دقيقة في الطب، والبرمجة، وتحليل البيانات، وغيرها.
إطلاق MiniMax-M1 يمثل تحولًا في موازين القوة داخل سوق الذكاء الاصطناعي الصيني، ويعزز موقع MiniMax كلاعب أساسي على مستوى النماذج اللغوية الكبيرة. وبينما تتصارع الشركات الصينية على حصة في السوق المحلي، تسعى MiniMax إلى إثبات أن الابتكار لا يزال ممكنًا حتى وسط الضغوط الاقتصادية والسياسية.
وفي ظل التنافس الحاد بين الصين والغرب في هذا المجال، من المتوقع أن نرى المزيد من هذه النماذج المحلية المتقدمة، التي لا تسعى فقط لمواكبة “GPT-4” و”Claude”، بل للتفوق عليها.