آخر الأخبار
“روبوت يشبه البعوضة”.. الصين تكشف عن طائرة مسيّرة ميكروية لأغراض التجسس

في سباق عالمي متسارع نحو تطوير تكنولوجيا الاستطلاع المتقدّمة، كشفت الصين مؤخرًا عن إنجاز ثوري يتمثل في طائرة مسيرة صغيرة للغاية، بحجم بعوضة، تم تطويرها داخل الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع (NUDT). هذا الابتكار اللافت لا يُعد مجرد تقدم تقني، بل يمثل فتحًا جديدًا في ميدان التجسس العسكري والروبوتات البيونية (Bionic Robotics).
■ حجم بعوضة.. جناحاها يرفرفان!
الطائرة الجديدة لا تعتمد على المراوح مثل معظم الطائرات المسيّرة المعتادة، بل تُحاكي نظام الطيران الطبيعي للحشرات عبر جناحين يرفرفان بسرعة ودقة، تمامًا كما تفعل الطيور الصغيرة أو البعوض. هذه التقنية تمنحها ميزة التمويه الصوتي والبصري، مما يجعلها شبه غير قابلة للاكتشاف في البيئات الطبيعية أو المزدحمة.
وعلى الرغم من أن التفاصيل حول البنية الداخلية للطائرة لم تُكشف رسميًا بسبب حساسية البرنامج، فإن الصور والتقارير تُظهر طائرة مجهزة بأرجل دقيقة جدًا تعمل كدعائم للهبوط، وهيكل دقيق للغاية يستوعب على ما يبدو كلًا من:
- نظام تحكم داخلي
- وحدة توجيه عن بُعد أو ذاتي
- بطارية صغيرة للغاية
- كاميرات أو مستشعرات للرؤية أو الصوت
قال الطالب ليانغ هيسيانغ في تقرير بثّته قناة CCTV الصينية، وهو يحمل الطائرة بين أصابعه:
“هنا في يدي روبوت يشبه البعوضة. هذه الروبوتات البيونية المصغّرة مثالية للاستطلاع المعلوماتي وتنفيذ المهام الخاصة في ساحة المعركة.”
ورغم صِغر حجمها، فإن استخدام هذه الطائرة في المهام الحساسة قد يكون حاسمًا لتوفير معلومات استخباراتية دون المخاطرة بالجنود أو الأنظمة الأكبر.
■ Black Hornet: النموذج الغربي الذي تسير الصين على خُطاه
الابتكار الصيني الجديد يبدو مستوحًى من الطائرة Black Hornet، التي طوّرتها شركة نرويجية عام 2013، وكانت حينها أصغر طائرة تجسس مسيّرة في العالم (بطول 16 سم). وقد تم تبني Black Hornet من قبل جيوش الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، وتركيا، وغيرها.
لكن النموذج الصيني الجديد يتفوق من حيث الحجم والتخفي، إذ يبدو أصغر بكثير، وربما أكثر قدرة على المناورة داخل المباني أو عبر النوافذ والممرات الضيقة، ما قد يجعله من أخطر أدوات التجسس في القرن الحالي.
■ تحديات تقنية وأمنية
رغم إعجاب الخبراء بالتقنية، إلا أن القيود الأمنية والتقنية تُشكل عائقًا فعليًا أمام الاستخدام الفعّال للطائرات المسيرة متناهية الصغر:
- أنظمة التشويش المنتشرة في المناطق العسكرية الحساسة قادرة على عزل الإشارات والتحكم عن بُعد، ما يحد من قدرتها على الاتصال المباشر.
- تحديات الطاقة: توفير بطارية تكفي لتشغيل المحرك والمستشعرات في هذا الحجم الضئيل يبقى من أكبر التحديات.
- الرياح والعوامل البيئية: الطائرات الصغيرة للغاية تُواجه صعوبة في الطيران ضمن بيئات غير مستقرة جويًا.
لهذا السبب، يُرجّح أن يتم تطوير نماذج ذات نظام توجيه ذاتي كليًا (Autonomous Navigation) تتيح للطائرة تنفيذ مهمتها حتى في حال انقطاع الاتصال بها.
رغم جذور هذه الطائرات في البرامج العسكرية، إلا أن التقنيات البيونية المصغّرة قد يكون لها مستقبل مدني مهم:
- التشخيص الطبي: إدخال طائرات أو روبوتات ميكروية داخل الجسم لرصد الأورام أو تقديم الدواء بدقة متناهية.
- مراقبة بيئية: استخدام هذه الطائرات لمراقبة التلوث، سلوك الحيوانات، أو التغيرات في النظم البيئية الدقيقة.
- الاستكشاف: إرسالها إلى بيئات يصعب على الإنسان أو الطائرات الأكبر دخولها، مثل الكهوف، المناجم، أو الأبنية المنهارة.
عصر جديد من الطائرات “غير المرئية”
ما كشفت عنه الصين اليوم ليس مجرد إنجاز هندسي، بل هو رسالة استراتيجية: السباق العالمي نحو الاستطلاع غير المرئي بدأ يأخذ منحى جديدًا، حيث بات كل ملم في الوزن والحجم يلعب دورًا في موازين القوة.
فإذا كان المستقبل ينتمي لمن يملك الذكاء الاصطناعي والتحكم عن بعد والروبوتات الدقيقة، فإن الصين اليوم تُبرهن على أنها تسير في هذا الطريق بقوة لا فقط في مجال الدفاع، بل على الأرجح في كل مجال من مجالات الحياة المستقبلية.