آخر الأخبار
الإمارات تطلق أول نظام دفع فضائي دقيق وآمن بيئيًا للأقمار الاصطناعية المصغرة: قفزة نوعية نحو مستقبل مستدام في الفضاء

أعلنت كل من جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا ووكالة الإمارات للفضاء عن إنجاز غير مسبوق يتمثل في تشغيل أول نظام دفع فضائي دقيق وآمن على البيئة للأقمار الاصطناعية المصغرة، تم تطويره بالكامل داخل الدولة، ويُعد من أكثر المشاريع تقدمًا في مجال الدفع الفضائي على مستوى المنطقة.
تصميم محلي برؤية عالمية
النظام الجديد صُمم خصيصًا ليُدمج في أقمار اصطناعية صغيرة بحجم 6U (أي ست وحدات)، وهو جزء من مبادرة استراتيجية مدعومة من وكالة الإمارات للفضاء، جاءت نتيجة اتفاقية تعاون رسمي مع جامعة خليفة، ما يعكس تكامل الجهود الوطنية بين مؤسسات البحث العلمي والهيئات الحكومية لتطوير حلول تقنية قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتمكين الإمارات من التنافس عالميًا في هذا المجال.
مواصفات تقنية وميزات فريدة
على المستوى التقني، يُعد هذا النظام ثورة في تكنولوجيا الفضاء، حيث يعتمد على مادة البيروكسيد بتركيز عالٍ كمادة دفع، وهي مادة غير سامة تتحلل إلى بخار ماء وأوكسجين، ما يجعل النظام صديقًا للبيئة وآمنًا تمامًا عند التشغيل في المدار.
يضم هذا الابتكار وحدة دفع مضغوطة متقدمة تحتوي على خمسة محركات مستقلة قادرة على المناورة بدقة بخمس درجات حرية، وهي ميزة لم تُسجل من قبل في أنظمة الأقمار الاصطناعية المصغرة، مما يمنح القمر الاصطناعي القدرة على المناورة المدارية وتغيير ارتفاعه بشكل دقيق ومستدام.
فريق عمل إماراتي ومختبرات متطورة
يعمل على هذا المشروع فريق مكوّن من ستة باحثين إماراتيين متخصصين، إلى جانب خبراء من وكالة الإمارات للفضاء، ضمن مختبر الابتكار وتكنولوجيا الفضاء بجامعة خليفة، الذي يُعد من أبرز المراكز البحثية على مستوى المنطقة. ويخضع النظام حاليًا لاختبارات تشغيلية متقدمة في المرحلة التجريبية النهائية قبل الإطلاق الرسمي المقرر في أواخر عام 2026.
خطوة نحو المستقبل: قمر إماراتي واعد
من المتوقع أن يتم دمج نظام الدفع في قمر صناعي إماراتي صغير الحجم سيتم إطلاقه في مدار منخفض حول الأرض. وستتمثل المهمة الأساسية لهذا القمر في اختبار قدرات النظام على التحكم المداري، الأمر الذي سيُشكل أساسًا لانطلاق برنامج شامل لتطوير أقمار صناعية صغيرة بإمكانيات دفع متطورة.
ويُعد المشروع بمثابة النواة الأولى لبناء منظومة فضائية وطنية مستدامة، تمهد الطريق لتطوير أقمار اصطناعية متعددة تلبي احتياجات الاتصالات والاستشعار والتحكم في المستقبل القريب.
إضافة إلى النظام نفسه، أُنشئت في أبوظبي منشأة جديدة متخصصة لاختبار الدفع بالميلي نيوتن، وهي واحدة من القلائل في العالم، وتُعد موردًا هامًا للباحثين المحليين والدوليين، فضلًا عن كونها منصة اختبار رئيسية للشركات العاملة في الصناعات الفضائية.
تصريحات رسمية تؤكد أهمية الإنجاز
قال سالم بطي القبيسي، مدير عام وكالة الإمارات للفضاء:
> “نحن اليوم نخطو خطوة تاريخية تعكس التزامنا بالاستدامة والابتكار، وإيماننا العميق بقدرة الكفاءات الإماراتية على تطوير تقنيات متقدمة تعزز مكانة الدولة عالميًا في قطاع الفضاء.”
أما البروفيسور إبراهيم الحجري، رئيس جامعة خليفة، فقد أكد:
> “يمثل هذا المشروع انعكاسًا مباشرًا لرؤية دولة الإمارات في تعزيز السيادة التقنية، وتطوير الكفاءات الوطنية، وتقديم حلول مستدامة تخدم المجتمع العلمي العالمي.”
نحو الريادة الإقليمية والتميز العالمي
مع اقتراب موعد الإطلاق، تتسارع وتيرة العمل على مراحل التجميع والتكامل والاختبار النهائي، بالتعاون بين جامعة خليفة ووكالة الإمارات للفضاء وعدد من الشركاء الوطنيين والدوليين. ويُتوقع أن يكون هذا المشروع انطلاقة لسلسلة من المبادرات الفضائية المستدامة التي تضع الإمارات في صدارة الدول التي تطور أنظمة دفع فضائي محلية بالكامل.
يمثل هذا النظام الجديد حجر أساس لرؤية الإمارات 2030 في استكشاف الفضاء وتوطين التكنولوجيا وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار الفضائي.