آخر الأخبار
ياهو تُفاجئ السوق بنيّتها شراء متصفح “كروم” وتُطور متصفحًا خاصًا بها لمنافسة هيمنة جوجل

في تطور غير متوقع داخل أروقة قضية الاحتكار المرفوعة على شركة جوجل، أعلنت شركة ياهو، أحد أقدم الأسماء في عالم الإنترنت، أنها بصدد تطوير متصفح ويب خاص بها، في وقت أعربت فيه أيضًا عن اهتمامها الجاد بالاستحواذ على متصفح “كروم”، في حال قررت المحكمة إجبار جوجل على بيعه.
جاء هذا الإعلان اللافت خلال اليوم الرابع من جلسات الاستماع في القضية التي تقودها وزارة العدل الأمريكية، والتي تسعى إلى تفكيك هيمنة جوجل على سوق محركات البحث من خلال إجراءات تصحيحية جذرية، من أبرزها اقتراح فصل متصفح كروم عن الشركة.
تعتبر وزارة العدل أن “كروم”، الذي يستخدمه مئات الملايين حول العالم، هو أكثر من مجرد متصفح؛ فهو يمثل قناة توزيع استراتيجية تمنح جوجل أفضلية ساحقة في ترسيخ محرك بحثها كخيار افتراضي، وبالتالي إقصاء المنافسين من الوصول العادل للمستخدمين.
وفي هذا السياق، طالب ممثلو الادعاء من القاضي الفيدرالي أميت ميهتا أن يُلزم جوجل بالتخلي عن المتصفح، كخطوة لإعادة التوازن إلى سوق البحث الإلكتروني.
من جانبه، كشف بريان بروفوست، المدير العام لمحرك بحث ياهو، أن الشركة تعمل منذ صيف 2024 على تطوير متصفح داخلي تجريبي بهدف دراسة سلوك المستخدم وفهم المتطلبات التقنية والتجارية لإطلاق منتج منافس.
وأوضح بروفوست أن المتصفح الجديد لا يزال في مراحله الأولية، وأن تطويره قد يستغرق بين ستة وتسعة أشهر، إلا أن الاستحواذ على متصفح قائم مثل “كروم” سيكون أسرع وأكثر تأثيرًا.
وأضاف أن أكثر من 60% من عمليات البحث تتم حاليًا من خلال المتصفحات مباشرة، لا سيما عبر شريط العنوان، وهو ما يجعل امتلاك متصفح وسيلة قوية لتعزيز انتشار محرك بحث ياهو، الذي لا تتجاوز حصته السوقية حاليًا 3%. وأكد أن امتلاك “كروم” يمكن أن يرفع هذه النسبة إلى ما يفوق 10%.
ياهو ليست الوحيدة المهتمة بهذه الفرصة التاريخية. فقد أبدت شركتا OpenAI وPerplexity، وكلاهما ينشط في قطاع الذكاء الاصطناعي، اهتمامًا مماثلًا بشراء “كروم”، بحسب ما أُعلن في الجلسات القضائية.
وفي المقابل، أعلن المدير التنفيذي لمحرك بحث DuckDuckGo أن شركته غير قادرة على الدخول في هذه الصفقة، نظرًا لارتفاع كلفتها، والتي تُقدّرها مصادر قضائية بـ 50 مليار دولار أمريكي.
لم تُخفِ ياهو ثقتها في قدرتها على تمويل الصفقة، إذ أكد بروفوست أن الشركة تحظى بدعم مباشر من مالكتها أبولو غلوبال مانجمنت، وهي شركة استثمارية ضخمة تمتلك أيضًا العلامة التجارية للمتصفح التاريخي نتسكيب، الذي كان جزءًا من أولى قضايا الاحتكار ضد مايكروسوفت في تسعينيات القرن الماضي.
ورغم أن نتسكيب لم يعد متاحًا اليوم، إلا أن رمزيته لا تزال حاضرة في ذاكرة وادي السيليكون كأول ضحية لاحتكار المتصفحات.
الحديث عن إجبار جوجل على بيع كروم، في حد ذاته، يُعد تحولًا تاريخيًا في السياسة التقنية الأمريكية، ويعكس تصاعد القلق من تغوّل الشركات الكبرى على حساب الابتكار والمنافسة العادلة.
وإذا ما نجحت ياهو في إتمام الصفقة أو إطلاق متصفحها الخاص، فقد يشهد السوق إعادة رسم لتوازن القوى، مع احتمالات قوية بأن تدخل شركات الذكاء الاصطناعي أيضًا في المنافسة لتشكيل تجربة تصفح أكثر تكاملًا مع أدوات الإنتاجية والبحث الذكي.