آخر الأخبار
الإمارات ترسّخ ريادتها في الذكاء الاصطناعي عبر شراكة ضخمة بين “خزنة” و”إنفيديا”: بنية تحتية رقمية تُنافس عالميًا

تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة ترسيخ موقعها كمركز عالمي رائد في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال خطوات استراتيجية طموحة تستند إلى رؤية واضحة للقيادة واستثمارات ضخمة في التكنولوجيا المتقدمة. وفي أحدث تجلٍّ لهذا التوجه، أعلنت شركة “خزنة داتا سنتر”، التابعة لمجموعة “جي 42” والمتخصصة في تطوير مراكز البيانات، عن شراكة استراتيجية بارزة مع شركة “إنفيديا” الأمريكية، إحدى الشركات العالمية الكبرى في مجال معالجات الرسومات وتقنيات الحوسبة المُسرَّعة.
تهدف هذه الشراكة إلى تطوير مجمعات مخصصة للذكاء الاصطناعي تخدم منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وتوفر البنية التحتية المطلوبة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تشهد توسعًا متسارعًا، سواء على مستوى الأبحاث أو الابتكار أو القطاعات الصناعية والتجارية.
استراتيجية دولة تُعانق المستقبل الرقمي
تأتي هذه الخطوة ضمن منظومة أكبر تتبناها دولة الإمارات لبناء بنية تحتية رقمية عالمية المستوى، وتعزيز مكانتها كدولة تحتضن الجيل القادم من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة. وتُظهر هذه المبادرة حرص القيادة الإماراتية على مواكبة التطورات التقنية العالمية، ليس فقط كمستفيد، بل كمحرك وفاعل رئيسي في تشكيل مستقبل التكنولوجيا عالميًا.
وتُعد هذه الشراكة مع إنفيديا بمثابة تأكيد على المكانة المتنامية للإمارات كمركز إقليمي وعالمي لجذب شركات التقنية الكبرى، ومدخلًا لتوطيد علاقات أوسع بين المنطقة والولايات المتحدة في مجالات الابتكار والتقنيات المتقدمة.
انعكاسات الزيارة الرئاسية: مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي
جدير بالذكر أن هذه الشراكة تأتي بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإمارات في مايو الماضي، والتي شهدت الإعلان عن إطلاق المرحلة الأولى من مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، بطاقة تشغيلية ضخمة تصل إلى 5 جيجاواط. هذا المشروع الطموح يرسّخ الشراكة بين البلدين في مجال التكنولوجيا المتقدمة، ويعزز من طموح الإمارات لتكون عاصمة الذكاء الاصطناعي في المنطقة والعالم.
تصميم يواكب الجيل التالي من إنفيديا: دعم كامل لبنية “Blackwell”
أحد الجوانب التقنية الأساسية في هذه الشراكة هو اعتماد منشآت خزنة على معايير NVIDIA Blackwell، وهي أحدث بنية طورتها إنفيديا لوحدات معالجة الرسومات (GPUs) الخاصة بالحوسبة المتقدمة. وتمثل هذه البنية نقلة نوعية في تسريع أحمال العمل المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مثل تدريب النماذج اللغوية الضخمة، وتحليلات البيانات المعقدة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وبهذا، تصبح مراكز بيانات خزنة الحالية والمستقبلية متوافقة بالكامل مع أنظمة إنفيديا المتقدمة، مما يضمن أداءً فائقًا وكفاءة تشغيلية عالية، وتقليلًا كبيرًا في استهلاك الطاقة مقارنة بالبنى التقليدية.
مجمّعات عملاقة: بنية تحتية تُضاهي العالمية
كشفت خزنة عن خططها لبناء مراكز بيانات بسعة تصل إلى 50 ميجاواط لكل مركز، إلى جانب تطوير مجمّعات ذكاء اصطناعي ضخمة بسعة 250 ميجاواط لكل منها، وهو رقم يُعد من الأعلى عالميًا. كما أكدت الشركة أن عددًا من هذه المجمّعات سيكون جزءًا من مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، مما يعكس الطابع المتكامل لهذه المبادرات من حيث البنية، والخطط التشغيلية، والشراكات الدولية.
الطاقة العالية لهذه المجمعات تُعد شرطًا أساسيًا لتشغيل الخوارزميات المتقدمة والنماذج الضخمة، مثل نماذج اللغة متعددة المهام، والنماذج التي تُستخدم في الرؤية الحاسوبية، والروبوتات الذكية.
التوسع العالمي: خارطة طموحة تتعدى المنطقة
في خطوة تشير إلى التطلعات التوسعية للشركة، أعلنت خزنة عن خطط لرفع السعة الإجمالية لمنشآتها إلى 1 جيجاواط عبر أسواق رئيسية في فرنسا، وإيطاليا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وتركيا، وكينيا. هذه الخطوة تندرج ضمن استراتيجية لتقديم بنية تحتية رقمية متكاملة عبر ثلاث قارات، تجعل من خزنة لاعبًا محوريًا في تلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي.
دور محوري في رؤية الإمارات 2031
هذه المشاريع الكبرى تنسجم مع رؤية الإمارات 2031، التي تسعى إلى تعزيز تنافسية الدولة عالميًا في المجالات التقنية والمعرفية. من خلال اعتماد أحدث تقنيات إنفيديا، تُرسّخ مراكز البيانات في الإمارات موقع الدولة كبيئة جاذبة للاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
كما تُسهم هذه المراكز في دعم الاقتصاد الرقمي، وتوفير فرص عمل نوعية، وتعزيز الأمن السيبراني، وتمكين القطاعات الصناعية والتعليمية والطبية من الوصول إلى قدرات حوسبة خارقة لم تكن متاحة من قبل.
نظرة نحو المستقبل
تضع هذه الشراكة حجر الأساس لمستقبل تقني واعد، حيث تكون الإمارات في قلب منظومة الذكاء الاصطناعي العالمية. مع تنامي الطلب على البنية التحتية القادرة على تشغيل الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، فإن دولة الإمارات تستبق الزمن من خلال خطوات مدروسة، وشراكات ذكية، واستثمارات استراتيجية تؤهلها لتكون أحد أقطاب الاقتصاد الرقمي العالمي في العقود القادمة.